يذكر متى الرسول بعض الامور والظواهر الغريبة التي رافقت موت المسيح وانا اعتقد ان تلك الامور لم تحدث اعتباطا بل كانت لها مدلولاتها الروحية العميقة اشتركت قوة الطبيعة بها لتجسد عمل المسيح على الصليب بصورة مذهلة ومن ضمنها انشقاق حجاب الهيكل , الظلمة التي سادت السماء, الزلزلة التي هزت الأرض , تفتح القبور وقام كثير من اجساد القديسين.

طريقا نحو الأقداس

لقد كان الترتيب الكهنوتي في الهيكل المقدس في العهد القديم يتطلب وجود ذلك الحجاب الذي كان يفصل قدس الأقداس عن باقي اجزاء الهيكل وهذا كان رمزا لأنفصال الله عن الشعب القديم فبالرغم من قبوله لعبادتهم كان هناك حاجز يفصل قداسته عن خطاياهم , فتدبير الخلاص لم يكن قد تم بعد في العهد القديم لكنه كان يمثل برموز وطقوس الهيكل ولكن في اللحظة التي مات فيها المسيح وتمم عمل الخلاص لم يعد لهذا الحجاب اي عمل بل اصبح الطريق مفتوحا على مصراعيه يستقبل فيه الله الأب كل خاطئ يحتمي بدم المسيح .

"فأذا لنا ايها الاخوة ثقة بالدخول الى الأقداس بدم يسوع , طريقا كرسه لنا حديثا حيا بالحجاب اي جسده لنتقدم بقلب صادق في يقين الايمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة اجسادنا بماء نقي" عبرانيين 19:10 ,22

نور لا يغيب

" المزعزع الأرض من مقرها فتتزلزل اعمدتها الامر الشمس فلا تشرق" ايوب 9: 6

يكتب يوحنا الرسول عن المسيح ويقول : " فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس" وفي مكان اخر يبشر "كان النور الحقيقي الذي ينير كل انسان اتيا الى العالم" .

ما الذي حدث في ذلك اليوم العظيم حتى تكحلت السماء بالسواد في وضح النهار وما الذي جعل اساسات الأرض تتمايل مترنحة؟

جال المسيح على الأرض وهو يصنع الخير ويبذر بذار الخلاص في نفوس البشر , كان النور الذي سار في ارض الظلام بدد بكل خطوة مشاها عتمة الخطيئة وسلطانها على حياة الناس في يوم صارح من كان بحوله كي يستغلوا تلك الفرصة العظيمة قائلا : "مادمت في العالم فأنا نور العالم وايضا انا قد جئت نورا الى العالم حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة" .

لكن الذي حدث ان الناس لم يريدوا ان يستنيروا بنوره لكي يتنقوا من الخطيئة وبدلا من ان يقبلوا ويؤمنوا ترصدوا له واكتموا على حياته وغرسوا صليبا في جسده .

ألا تظلم السماء عند موته حزنا من قسوة قلب الأنسان؟ ألا تتكحل بالسواد ونورها واملها الوحيد قد غاب؟ ألا تتزلزل الأرض وتتشقق بعد الموت ملكها الحقيقي مؤكدة تداعي وأنتهاء ملكها المادي؟ كان المنظر مريعا وغريبا لكل العيون عيون البشر وعيون الطبيعة التي ترقبت خلاص الله من ملك ابليس ولكن في الحقيقة كانت المعادلة تكتب بدقة متناهية وفي تدبيرات الله الأزلية كانت الأمور تسري كما يجب "اذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضدا لنا وقد رفعه من الوسط مسمرا اياه بالصليب اذ جرد الرياسات والسلاطين اشهرهم جهارا ظافرا بهم فيه "كولوسي 2: 14

في موته خاب كل امل ولكن في قيامته اشرق الخلود وانبثقت مياه الحياة من جنبه المطعون وتطهر الكون من دمه الذي سال من ثقب يديه المسمرتين.

موتا لحياة الأموات

"أن كان روح الذي اقام يسوع من الاموات ساكنا فيكم فالذي اقام يسوع من الاموات سيحيي اجسادكم المائتة ايضا بروحه الساكن فيكم" رومية 8: 11

عندما مات المسيح تفتحت قبور وقام اناس من موتهم ما اروع تلك الحادثة وما اعمق حكمة الله من جهة عمل الصليب فهو مات لكي يعطي حياة للناس.

وها نحن نحتفل بتلك الذكرى اخي القارئ وسؤالي لك اليوم هو هل تسري فيك قوة تلك الحياة التي خرجت من جسده المبذول لأجلك ؟

يا يسوع الحياة

يايسوع الحياة في قبر وضعت فالجنود السماوية انذهلت كلها ومجدت تنازلك المسيح الحياة حين ذاق الممات اعتق الناس من الموت ولقد منح الأن الحياة للجميع فاض من جنبك كمن نبع واحد جدول مضاعف منه نستقي مثمر لنا الحياة الخالدة نعظمك بأستحقاق يا معطي الحياة يامن بسط يديه على الصليب ساحقا قدرة سلطان العدو نعظمك بأستحقاق يا خالق العالم فبألامك نلنا كل شفاء ونجونا كلنا من الفساد حبة الحنطة المثناة ذات الطبيعتين زرعت بالعبرات في حضن الأرض وستفرع السرور للجميع يا مخلص ان الشمس والقمر اظلما معا وكعبدين امينين ألتحفا حلل الليل الدجي الصافية